الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ }

أي: فإنْ يصبروا على ما هم عليه ويصروا على الكفران والجدل مع الرسل، ماذا يحدث { فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } [فصلت: 24] أمر من اثنين. الإنسان حين يخالف أوامر خالقه ويأتيه رسول يقول له، لا تفعل فإنْ كفّ فهو خير له، وإنْ أصرَّ وتمادى فالنار مثوىً له. ومعنى { يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } [فصلت: 24] يستعتبوا يطلبون العتبى. يقال: عتب فلان على فلان. يعني: لامه على أمر ما كان يصح أنْ يكون منه، يقول: مثلاً أنا مرضتُ فلم تزرني، هذا عتاب، فيقول: معذرة فقد كنت مشغولاً بكذا وكذا فساعة يُبيِّن له العذر فقد أعتبه يعني أزال عتبه، وهذا لا يكون لهم في الآخرة فإن طلبوا العتاب لم يعتبوا. لذلك جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عائد من الطائف بعد أن آذاه قومها، قال فيما قال صلى الله عليه وسلم وهو يناجي ربه: " لك العُتْبى حتى ترضى " يعني: إنْ كان بدر مني شيء يغضبك فأنا أزيله وأعترف أنني ضعيف أطلب قبول العتاب. لذلك قال الشاعر:
أمَّا العتَابُ فَبالأحبّةِ أَخْلَقُ   والحُبُّ يصْلُح بالعتَابِ ويصْدُقُ
إذن: أنت لا تعاتب إلا إذا كنتَ محباً لمن تعاتبه، حريصاً على علاقتك به. نقول: عتبت عليه فأعتبني يعني: أزال عَتْبي، أما هؤلاء في الآخرة فلن يقبل اللهُ منهم عتاباً ولن يزيل عتبهم، والهمزة في أعتب تسمَّى همزة الإزالة، والإزالة تكون بالهمزة أو بالتضعيف تقول: مرَّضتُ فلاناً يعني: أزلتُ مرضه. وقشرتُ الفاكهة يعني: أزلتُ قشرتها.