الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } * { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ }

هذا كلام الرجل المؤمن من آل فرعون، كأنه كلام الأنبياء، وإني حتى الآن لم أَهْتد إلى سبب يقنعني كيف سكت فرعون على هذا الكلام، ولا أستطيع إلا أن أقول: إن الله سبحانه قادر على أنْ يجمع بين الشيء ونقيضه، فالمؤمن يجهر بهذا الكلام الإيماني لكن الحق سبحانه يُدخله في أذن فرعون غير ذلك، وإلا لما سكت عنه وتركه يتكلم بهذا المنطق الإيماني الذي يهدم ألوهية فرعون المدَّعاة، أو كما قلنا أن وارد الرحمن لا يُعارض. وقوله: { مَا لِيۤ } [غافر: 41] يستفهم عن شيء في نفسه: كيف أدعوكم إلى النجاة وأنتم تدعونني إلى النار؟ أي: إلى ما يؤدي إلى النجاة وما يؤدي إلى النار، قالوا: لأن الخير لا يكون خيراً إلا إذا أحببته لسواك، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". ثم يوضح معنى { أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } [غافر: 41] فيقول: { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } [غافر: 42] فأنتم تحثونني على الكفر بالله والشرك به، وأنا أحثكم على الإيمان به.