الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

معنى: { يَقْضِي.. } [غافر: 20] أي: يحكم بالحق { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } [غافر: 20] أي: الأصنام وغيرها مما عبدوه من دون الله { لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ.. } [غافر: 20] لا يحكمون بشيء، فليس لهم مركز في القضاء أبداً ولا حتى في الظلم، ليس لهم أهلية لأنْ يقضوا { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [غافر: 20]. السميع لكل قول خارج عن منهجه، العليم بكل فعل يخرج عن منهجه المشاهد لكل شيء. فالحق سبحانه وتعالى يكون هو الشاهد وهو القاضي والحاكم وهو المنفذ، فإذا كانت السلطات عندكم متعددة في الدنيا، فالسلطة في الآخرة لله وحده لا شريكَ له. بعد ذلك يقول سبحانه: ما بال هؤلاء الكفار الذين يعاندون الدعوة ويصادمون الرسول الذي أرسله الله لهم رحمة، ألم ينظروا في تاريخ سابقيهم من الأمم التي كذَّبت وما جرى لهم من العقوبة، وما حَلَّ بهم من هلاك يروْنَ هم آثاره. لقد سجَّل الحق سبحانه على نفسه، فقال:وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } [الصافات: 171-172]. نعلم أن الإنسان يحفظ السند الذي له ولا يحفظ الذي عليه، أما الحق سبحانه فحفظ وسجَّل هذا الوعد عليه سبحانهإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] فالحق سبحانه ضمن لرسله النصرة والتأييد، وما كان سبحانه وتعالى ليقول كلمة ويأتي واقع الحياة ليكذِّبها. إذن: فنُصرة الرسل سُنة من سُنَن الله في كونه، يقول سبحانه: { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ... }.