الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }

و { وَٱللاَّتِي } اسم موصول لجماعة الإناث، وأنا أرى أن ذلك خاص باكتفاء المرأة بالمرأة. وماذا يقصد بقوله: { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً.. } [النساء: 15]؟ إنه سبحانه يقصد به حماية الأعراض، فلا يلغ كل واحد في عرض الآخر، بل لا بد أن يضع لها الحق احتياطاً قوياً، لأن الأعراض ستجرح، ولماذا " أربعة " في الشهادة؟ لأنهما اثنتان تستمتعان ببعضهما، ومطلوب أن يشهد على كل واحدة اثنان فيكونوا أربعة، وإذا حدث هذا ورأينا وعرفنا وتأكدنا، ماذا نفعل؟ قال سبحانه: { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ.. } [النساء: 15] أي احجزوهن واحبسوهن عن الحركة، ولا تجعلوا لهن وسيلة التقاء إلى أن يتوفاهن الموت { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } [النساء: 15] وقد جعل الله. والذين يقولون: إن هذه المسألة خاصة بعملية بين رجل وامرأة، نقول له: إن كلمة " واللاتي " هذه اسم موصول لجماعة الإناث، أما إذا كان هذا بين ذكر وذكر. ففي هذه الحالة يقول الحق:وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } [النساء: 16]. الآية هنا تختص بلقاء رجل مع رجل، ولذلك تكون المسألة الأولى تخص المرأة مع المرأة، ولماذا يكون العقاب في مسألة لقاء المرأة بالمرأة طلباً للمتعة هو الإمساك في البيوت حتى يتوفاهن الموت؟ لأن هذا شر ووباء يجب أن يحاصر، فهذا الشر معناه الإفساد التام، لأن المرأة ليست محجوبة عن المرأة فلأن تحبس المرأة حتى تموت خير من أن تتعود على الفاحشة. ونحن لا نعرف ما الذي سوف يحدث من أضرار، والعلم ما زال قاصراً، فالذي خلق هو الذي شرع أن يلتقي الرجل بالمرأة في إطار الزواج وما يجب فيه من المهر والشهود، وسبحانه أعد المرأة لاستقبال، وأعد الرجل للإرسال، وهذا أمر طبيعي، فإذا دخل إرسال على استقبال ليس له، فالتشويش يحدث. وإن لم يكن اللقاء على الطريقة الشرعية التي قررها مَنْ خلقنا فلا بد أن يحدث أمر خاطئ ومضر، ونحن عندما نصل سلكاً كهربائياً بسلك آخر من النوع نفسه. أي سالب مع سالب أو موجب مع موجب تشب الحرائق، ونقول: " حدث ماس كهربائي " ، أي أن التوصيلة الكهربائية كانت خاطئة. فإذا كانت التوصيلة الكهربائية الخاطئة في قليل من الأسلاك قد حدث ما حدث منها من الأضرار، أفلا تكون التوصيلة الخاطئة في العلاقات الجنسية مضرة في البشر؟ إنني أقول هذا الكلام ليُسَجَّل، لأن العلم سيكشف - إن متأخراً أو متقدماً - أن لله سراً، وحين يتخصص رجل بامرأة بمنهج الله " زوجني.. وتقول له زوجتك " فإن الحق يجعل اللقاء طبيعياً. أما إن حدث اختلاف في الإرسال والاستقبال فلسوف يحدث ماس صاعق ضار، وهذه هي الحرائق في المجتمع.

السابقالتالي
2 3 4 5 6