الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ.. } [الزمر: 75] يعني: يطوفون حوله { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ.. } [الزمر: 75] فليس لهم عمل إلا التسبيح بحمد ربهم { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ.. } [الزمر: 75] أي: قضى الله بينهم، بين مَنْ؟ بين الملائكة لأنهم أقسام: منهم العالون، وهم المهيمون في الحق سبحانه، وهم لا يدرون شيئاً عن دنيانا ولا عن آدم وذريته. ومنهم المسخرون لخدمة الإنسان وهم الملائكة الحافظون، الذين قال الله عنهم:لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ.. } [الرعد: 11] وهؤلاء الذين أمرهم الله بالسجود لآدم لا كل الملائكة، فكأن هذا السجود دليلُ خضوع وطاعة لهذا المخلوق الذي ستكونون في خدمته. ومن الملائكة الكرام الكاتبون:وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الانفطار: 10-12]. فمعنى: { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ.. } [الزمر: 75] يعني: أخذ كلٌّ منهم منزلته والجزاء الذي يستحقه. { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الزمر: 75] مَن القائل؟ قالوا: قالها المؤمنون من البشر، وقالوا: قالها جميع الخلائق، وقالوا: قالها الحق سبحانه، فهي ثناء من الله تعالى على ذاته سبحانه، كما شهد سبحانه لنفسه بأنهلاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ.. } [آل عمران: 18]. فالحق سبحانه حمد نفسه على أنه رب العالمين، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: "..... لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " فهذا ثناء من الله على الله، اللهم اجعلنا دائماً من القائلين الحمد لله رب العالمين.