الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

كلمة اشْمأزَّتْ يعني: نفرتْ. والإنسان حينما يسمع شيئاً لا يحبه يشمئز يعني: يظهر على سحنته الامتعاض، ثم تحدث منه نفرة وقشعريرة كئيبة، ثم ينصرف عن هذا الشيء، كذلك حال هؤلاء لما سمعوا ذكر الله وحده نفرتْ نفوسهم، وانقبضوا عن توحيد الله، لكن لماذا؟ قالوا: لأنك ذكَّرته بمَنْ يثق تمام الثقة أنه يملك ضُره ونفعه، وإلا لو لم تكُنْ لديه هذه الثقة ما أثَّر ذكر الله في نفسه، إذن: اشمأزتْ قلوبهم لأنهم خافوا من شيء، وساعةَ سمعوا ذكر الله تذكَروا جلاله وقدرته وعظمته، وتذكّروا أنهم مُقبلون عليه واقفون بين يديه، ولم يعملوا لهذا الموقف. وكلمة { وَحْدَهُ } [الزمر: 45] تدل على مَيْلهم إلى الشركاء، فالمعنى: لو ذُكر الشركاء ما اشمأزتْ قلوبهم. واشمئزاز القلوب أمر غيبي ينضح على الوجه بالانفعال، فيبدو على الوجه أنه منقبض انقباضاً مؤلماً، والآية لم تذكر لماذا اشمأزت قلوبهم مما يدل على أن القلبَ هو المحرك الذي يعطي الجوارحَ الانفعال بواقع الأشياء عليها، فمثلاً تقابل شخصاً فتجد نفسك مبتهجاً، وآخر تقابله فتجد نفسك مُهتماً أو منقبضاً عنه، فمن أين هذه الانفعالات؟ من القلب. وقوله: { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ.. } [الزمر: 45] أي: الشركاء { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [الزمر: 45] أي: يفرحون، لماذا؟ لأنهم يظنون أنهم يشفعون لهم، لكنهم خائبون في هذه، وخائبون في هذه.