الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

قوله تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ.. } [ص: 43] يبدو أن بعض أهله بعدوا عنه لما أصابه المرض، فلما شفاه الله وعاد إلى حال السلامة عادوا إليه { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ.. } [ص: 43] يعني: وهبنا له مثل أهله أي: من الذرية والأتباع { رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ص: 43] الذكرى هي الخاطر الذي يمرُّ بك ليصرفك إلى متعلق الذِّكْرى لأنك بصدد ما يبعدك عن سبب الذكرى. ومضمون الذكرى هنا أنه لما صبر جاءه الفرج من الله، فعاد جسمه مُعَافاً سليماً بعد أنْ برئ من المرض ومن أسبابه، ثم عاد إليه أهله بزيادة مثلهم عليهم رفقاً بعواطفه. وهذا هو المراد بالرحمة في قوله { رَحْمَةً مِّنَّا.. } [ص: 43]، فهذه عطاءات متعددة جاءت ثمرة ونتيجة لصبره عليه السلام ورضائه بما قضى الله به. إذن الذكرى التي نذكرها في هذه القصة أن الإنسان حين ينزل به الكرب يلجأ إلى الله، ويفزع إليه في كربهأَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ.. } [النمل: 62]. والله يحب من عبده هذا اللجوء لذلك يبتليه، وقد ورد أن الملائكة تقول: يا ربّ عبدُكَ ضَجَّ من الدعاء لك، ولم تُجِبْه، فقال سبحانه: إن من عبادي مَنْ أحب دعاءهم، فأنا أبتليهم لأسمع أصواتهم.