الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ }

قوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } [الصافات: 174]. أي: اتركهم الآن في باطلهم وأعرض عنهم، لماذا والحق سبحانه قادر على نُصْرة دينه من أوله لحظة؟ قالوا: الحق سبحانه يريد أنْ يستشري الباطل، وأنْ يعلو حتى يعضّ الناس فيكرهونه ويضيقون به. وأيضاً ليتدرب أهل الحق على المحن والشدائد ويَقْوَى عودهم { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } [الصافات: 175] يعني: انظر إلى حالهم وعاقبة أمرهم، وسوف يبصرون هم هذه العاقبة، وما يحلُّ بهم من العذاب الذي يستعجلونه { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } [الصافات: 176]. كما قال تعالى في موضع آخر:فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [الأحقاف: 22]. وهذا غباء منهم، لأن هذا العذاب الذي يُكذِّبون به ويستبعدونه واقع لا محالة { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } [الصافات: 177] والساحة هي المكان الواسع أو الفناء الذي يجد الناسُ فيه مُتَنَفساً ومَنْفذاً يُروِّح عنهم، و { نَزَلَ } [الصافات: 177] يعني: حَلَّ ووقع وفاجأهم. { فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } [الصافات: 177] يعني: قَبُحَ هذا الصباح، وبئس هذا الصباح، والصبح هو الميعاد الحق للمعركة لمفاجأة المحارب قبل أنْ يستعد، أو يفاجئهم العذاب في وضح النهار فلا يستطيعون أنْ يستتروا من الفضيحة، و { ٱلْمُنْذَرِينَ } [الصافات: 177] القوم الذين أنذرناهم وحذرناهم.