الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ }

مناسبة قوله تعالى هنا { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 160] استثناء من قوله تعالىإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [الصافات: 158] فاستثنى اللهُ عباده المخلصين أنْ يدخلوا مع هؤلاء المحضرين للعذاب. وقوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } [الصافات: 161] أي: من دون الله { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } [الصافات: 162] يعني: أنتم وما تعبدون من دون الله لا تفتنوا خَلْقي عليَّ. يعني: لا تُفْسِدوا الخَلْق على الله تعالى، يُقَالُ: فتن فلان على فلان زوجته. يعني: أفسدها عليه، والمعنى: أنتم لا تستطيعون أنْ تفسدوا بيني وبين ملائكتي. وكيف والملائكة أنفسهم ما خُلقوا إلا لعبادتي وحبييُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 20] كيف تفسدونهم وهم بريئون منكم ومن عبادتكم لهم، بل ويلعنونكم. إذن: كيف تفسدونهم على الله؟ والحق سبحانه في موضع آخر يردُّ عليهم:أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ.. } [الإسراء: 57] يعني: هؤلاء الذين يعبدونهم من دون الله هم أنفسهم يبتغون إلى الله الوسيلة التي تقرِّبهم إليه. وفي موضع آخر قال:قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } [الإسراء: 42]. إذن: ما أنتم بفاتني هؤلاء المعبودين على ربهم لأنهم أخلصوا لله العبادة ويتنافسون في التقرُّب إليه. وقوله: { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } [الصافات: 163] أي: إلا مَنْ يرضي بالعبودية من البشر فمصيره النار لذلك لما أراد سبحانه أنْ يُبكِّتَ الذين عبدوا الحجارة قال: انظروا فلن تُعذَّبوا في النار إلا بالحجارة لِتَرَوْا معبودكم معكم ومثلكم في النار. فإنْ قَلْت: وما ذنبُ هذه الأحجار التي عُبِدت من دون الله؟ يقول سبحانه: { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ... }.