الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

هذا لون آخر من عنادهم وقَلْبهم للحقائق، فإذا قال لهم الناصح { أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله } [يس: 47] يعني: مما استخلفكم فيه لا مما عندكم، وملَكه لكم يكون الرد { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } [يس: 47] هكذا يقلب الكافر حقائق الأمور ويتبجحون بالباطل. { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } [يس: 47] يعني: لسنا بخلاء بل نحب أنْ ننفق، وأن ننفذ مرادات الله في خَلْقه، والله يريد أن يمنع الرزق عن هؤلاء، فكيف نرزقهم نحن، إننا لو أنفقنا عليهم لكنا معاندين مخالفين لمراد الله، ولو شاء الله لأطعمهم. ولم يقفوا بعنادهم عند هذا الحدِّ، إنما يتمادَوْنَ فيتهمون المؤمنين بالضلال المبين { إِنْ أَنتُمْ } [يس: 47] يعني: ما أنتم { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [يس: 47] سبحان الله، لماذا؟ لأنكم تعارضون مراد الله، وتُطعمون مَنْ حرمه الله وتجيرون عليه. نعم، الحق سبحانه رب الجميع، ويرزق الجميع، ويطعمنا ويسقينا، لكنه سبحانه يريد أنْ يشهد عطف عباده على عباده لتسير حركتهم في الحياة بلا غِلٍّ، وبلا حقد، فالفقير حين ينال من خير الغنيِّ لا يحقد عليه ولا يحسده، بل يتمنى دوام النعمة عنده، ثم إن الغِنَى والفقر عَرَض ينتقل ويزول، والواقع يشهد بذلك.