الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى { ذٰلِكَ.. } [السجدة: 6] إشارة إلى تدبير الأمر من السماء إلى الأرض، ثم متابعة الأمر ونتائجه، هذا كله لأنه سبحانه { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ.. } [السجدة: 6] وأنه سبحانه { ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } [السجدة: 6] فالحق سبحانه يُعلِّمنا أن الآمر لا بد أنْ يتابع المأمور. وقلنا: إن عالم الغيب تعني أنه بالأوْلى يعلم الشهادة، لكن ذكر الحق سبحانه علمه بالشهادة حتى لا يظن أحد أن الله غَيْب، فلا يعلم إلا الغيب، وقد بيَّنّا معنى الشهادة هنا حينما تكلَّمنا عن قوْل الله تعالى:يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } [الأنبياء: 110]. والجهر أو الشهادة يعني الجهر المختلط حين تتداخل الأصوات، فلا تستطيع أنْ تُميِّزها، مع أنها جهر أمامك وشهادة، أما الحق سبحانه فيعلم كل صوت، ويردُّه إلى صاحبه، فعِلْم الجهر هنا أقوى من علم الغيب. ومعنى { ٱلْعَزِيزُ.. } [السجدة: 6] أي: الذي لا يُغلَب ولايُقهر، فلا يلويه أحد عن علمه، ولا عن مراداته في كَوْنه، ومع عِزَّته فهو سبحانه الرحيم.