الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ }

معنى { ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ.. } [السجدة: 10] أي: غِبْنا فيها، واندثرتْ ذراتنا، بحيث لا نعرف أين ذهبت، وإلى أيِّ شَيء انتقلت، إلى حيوان أم إلى نبات؟ إذا حدث هذا { أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.. } [السجدة: 10] يعني: أيخلقنا الله من جديد مرة أخرى؟ والحق سبحانه يرد عليهم: { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } [السجدة: 10] بل تفيد الإضراب عن كلامهم السابق، وتقرير حقيقة أخرى، هي أنهم لا ينكرون البعث والحشر، إنما ينكرون لقاء الله { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } [السجدة: 10] لأن مسألة الحشر مستحيل أنْ ينكروها لأن الدليل عليها واضح. كما قال سبحانه:أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ق: 15] والذي خلق من العدم أولاً قادر على الإعادة من موجود، لأن ذراتك وخاماتك موجودة، فالإعادة أسهل من البَدْء لذلك قال سبحانه:وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ.. } [الروم: 27]. إذن: تكذيبهم ليس للبعث في حَدِّ ذاته، إنما للقاء الله وللحساب، لكنهم ينكرون البعث لأنه يؤدي إلى لقاء الله، وهم يكرهون لقاء الله، فينكرون المسألة من بدايتها.