الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ }

ألم يقل أبو سفيان: " لنا العُزَّى، ولا عُزَّى لكم " ، فقال لهم النبي قولوا لهم: الله مولانا ولا مولى لكم، وعندما قال: يوم بيوم، أي يوم أٌحد بيوم بدر، الحرب سجال. فرد عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: لا سواء، أي نحن لسنا مثلكم قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، فكيف تكون سواء وكيف تكون سجالاً!؟ { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } [آل عمران: 150] ونفهم قول الحق: " خير الناصرين " أي يجوز أن يوجد الله بشراً كافرين أو غير كافرين وينصروكم نصراً سطحياً، لا نقول إن هذا نصر إنما النصر الحقيقي هو النصر الذي يأتي من الله، لماذا؟ لأن النصر أول ما يأتي من ناحية الله فاطمئن على أنك خالص ومخلص لله وإلا ما جاءك نصره، فساعة يأتيك نصر الله فاطمئن على نفسك الإيمانية وأنك مع الله. وقول الحق: { خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } [آل عمران: 150] دليل على أنه من الممكن أن يكون هناك ناصر في عرف البشر. وقد قال المؤمنون: يا رب نحن ضعاف الآن وإن لم نذهب لأحد ليحمينا ماذا نصنع؟ فيوضح لهم الحق: كونوا معسكراً إيمانياً أمام معسكر الكفر، وإياكم أن تلجأوا إلى الكافرين بربكم لأنهم غير مأمونين عليكم. وإن كنتم تريدون أن تعرفوا ماذا سأفعل:سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } [آل عمران: 151]. فإذا ألقى الرعب في قلوب الكافرين فماذا يفيدهم من عَدَدِهم وعُدَدِهم؟! عددهم وأموالهم تصير ملكاً لكم وتكون في السَلَب والغنيمة.