الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }

ونحن نعرف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه الأول هو " محمد " ، وله اسم ثانٍ عرفناه من القرآن وجاء في الإنجيل هو " أحمد ":وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [الصف: 6]. وقد ورد اسمه صلى الله عليه وسلم " مُحمد " في القرآن أربع مرات، و " أحمد " وردت مرة واحدة. والآية التي نحن بصددها، وهي آية ذكر فيها اسم محمد: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } [آل عمران: 144]. ولنقرأ قول الحق:مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } [الأحزاب: 40]. وقوله تعالى:وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } [محمد: 2]. وها هو ذا القول الكريم:مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً.. } [الفتح: 29]. والاسم هو ما وُضع عَلَماً على المسَمَّى بحيث إذا ذُكر الاسم جاء إلى الذهن المسمى، فإذا اشترك اثنان في بيئة واحدة في اسم فلا بد من التمييز بينهما بوصف. فإذا كان في أسرة واحدة ولدان اسم كل واحد منهما مُحمد، فلا بد أن نميز بين الاثنين بصفة، وفي الريف نجد من يسمى " مُحمداً الكبير " و " مُحمداً الصغير ". وكلمة " مُحمد " وكلمة " أحمد " مشتركتان في أصل المادة لأنهما من " الحاء والميم والدال " فالمادة هي الحمد، إلا أن التوجيه الاشتقاقي في محمد غير التوجيه الاشتقاقي في أحمد، لأن الاسم قبل أن يكون علماً إذا خرجت به عن معناه الأصلي، انحل عن معناه الأصلي، وصار علماً على الشخص. ولذلك قد نجد رجلاً له جارية سوداء فيسميها " قمراً " وقد يكون للرجل عبد شقي فيسميه: " سعيداً ". فإذا صار الاسم علماً على شيء فإنه ينتقل من معناه الأصلي ويصير عَلَماً على المسمَّى، لكن الناس حين تُسمى أبناءها تلمح التفاؤل في أن يصير المعنى الأصلي واقعاً. والدميمة التي يسميها صاحبها " قمراً " افتقدت جمال المسمى، ولذلك فهو يريد لها أن تأخذ جمال الاسم.. وكلمة " مُحمد " حين ننظر إليها في الاشتقاق نجد أنها ذاتٌ يقع عليها الحَمْد من غيرها، مثلما تقول: فلان مكرَّم أي وقع التكريم من الغير عليه. وكلمة " أحمد " نجدها ذاتاً وقع عليها الحمد لغيرها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10