الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

وفي موضع آخر يقول سبحانه:لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [الزمر: 16]. وهاتان الجهتان لا تأتي منهما النار في الدنيا لأن النار بطبيعتها تصعد إلى أعلى، وإنْ كانت تحت القدم تنطفىء. إذن: هذا ترقٍّ في العذاب، حيث لا يقتصر على الإحاطة من جميع جهاته، إنما يأتيهم أيضاً من فوقهم ومن تحتهم. لكن قد يتجلَّد المعذَّب للعذاب، ويتماسك حتى لا تشمت فيه، وهذا يأتيه عذاب من نوع آخر، عذاب يُهينه ويُذلُّه، ويُقال له:ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] لذلك وصف العذاب، بأنه: مهين، وأليم، وعظيم، وشديد. وقوله تعالى { وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [العنكبوت: 55] لم يقل: ذوقوا النار، إنما ذوقوا ما عملتم، كأن العمل نفسه سيكون هو النار التي تحرقهم. ثم يقول الحق سبحانه: { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ... }.