الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ }

أئمة: جمع إمام، وهو مَنْ يُؤتَم به، والمأموم أسيرُ إمامه، فلو كنا في الصلاة لا نركع حتى يركع، ولا نرفع حتى يرفع، فمتابعتنا له واجبة، فإنْ أخطأ وجب على المأموم أنْ يُنبِّهه وأن يُذكِّره يقول له: سبحان الله، تنبه لخطأ عندك، إذن: نحن مأمومون له في الحق فقط، فإنْ أخطأ عدَّلْنا له. والإمام أُسْوة وقدوة للمأمومين في الخير ومنهج الحق، كما قال تعالى في حَقِّ نبيه إبراهيم عليه السلام:وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً.. } [البقرة: 124]. وعندها أراد إبراهيم عليه السلام أنْ تظلَّ الإمامة في ذريته من بعده، فقالقَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي.. } [البقرة: 124] فصحَّح الله له وأعلمه أن الإمامة لا تكون إلا في أهل الخيرقَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } [البقرة: 124]. لذلك لما دعا نوح - عليه السلام - ربه:رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي.. } [هود: 45] صحح الله لهإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ.. } [هود: 46]. إذن: أهلية النبوة وأهلية الإمامة عمل وسلوك لا قرابة ولا نَسَب. وقد تكون الإمامة في الشر، كهذه التي نتحدث عنها: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ.. } [القصص: 41] فهم أُسْوة سيئة وقدوة للشر، وقد جاء في الحديث الشريف: " من سَنَّ سُنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومَنْ سنَّ سُنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة ". ويقول تعالى في أصحاب القدوة السيئة:لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.. } [النحل: 25]. فكان فرعون وملؤه أسوة في الشر، وأسوة في الضلال والإرهاب والجبروت، وكذلك سيكونون في الآخرة أئمة وقادة، لكن إلى النار { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } [القصص: 41].