الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ }

وهذا حكم رابع نستفيده من هذه الآيات، نأخذه من قول الفتاة { يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ.. } [القصص: 26]. وفي قولها دليل على أنها لم تعشق الخروج للعمل، إنما تطلب مَنْ يقوم به بدلاً عنها لِتقَّر في بيتها. ثم تذكر البنت حيثيات هذا العرض الذي عرضته على أبيها { إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } [القصص: 26] وهذان شرطان لا بُدَّ منهما في الأجير: قوة على العمل، وأمانة في الأداء. وقد تسأل: ومن أين عرفتْ البنت أنه قوي أمين؟ قالوا: لأنه لما ذهب ليسقي لهما لم يزاحم الناس، وإنما مال إلى ناحية أخرى وجد بها عُشْباً عرف أنه لا ينبت إلا عند ماء، وفي هذا المكان أزاح حجراً كبيراً لا يقدر على إزاحته إلا عدة رجال، ثم سقى لهما من تحت هذا الحجر، وعرفتْ أنه أمين حينما رفض أن تسير أمامه، حتى لا تظهر له مفاتن جسمها. ويأتي دور الأب، وما ينبغي له من الحزم في مثل هذه المواقف، فالرجل سيكون أجيراً عنده، وفي بيته بنتان، سيتردد عليهما ذهاباً وإياباً، ليلَ نهار، والحكمة تقتضي إيجاد علاقة شرعية لوجوده في بيته لذلك رأى أن يُزوِّجه إحداهما ليخلقَ وَضْعاً، يستريح فيه الجميع: { قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ... }.