الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }

أي: من لدن آدم - عليه السلام - والناس يموتون والأنبياء تذكر بهذا اليوم الآخر، لكنه لم يحدث { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [النمل: 68] أي: كذِب وافتراء ونسج خيال كما في أساطير السابقين، لكن ما الدافع لهم لأنْ يتهموا الرسل في بلاغهم عن الله هذا الاتهام؟ قالوا: لأن نفس المرء عزيزة عليه، وكل مُسْرف على نفسه في المعاصي يريد أنْ يؤمِّن نفسه، وأنْ يريحها، وليس له راحة إلا أنْ يقول هذا الكلام كذب، أو يتمنى أن يكون كذباً، ولو اعترف بالقيامة وبالبعث والحساب فمصيبته عظيمة، فليس في جُعْبته إلا كفر بالله وعصيان لأوامره، فكيف إذن يعترف بالبعث؟ فطبيعي أن يؤنس نفسه بتكذيب ما أخبره به الرسول. لذلك نجد من هؤلاء مَنْ يقول في القدر: إذا كان الله قد كتب عليَّ المعصية، فلماذا يُعذِّبني بها؟ والمنطق يقتضي أن يكملوا الصورة فيقولون: وإذا كتب عليَّ الطاعة، فلماذا يثيبني عليها؟ فلماذا ذكرتُم الشر وأغفلتم الخير؟ إذن: هؤلاء يريدون المنفذ الذي ينجون منه ويهربون به من عاقبة أعمالهم.