الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

نذكر أن الملكة قالتفَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } [النمل: 35] فكأنه يستشعر نصَّ ما قالت، وينطق عن إشراقات النبوة فيه، فيقول: { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا.. } [النمل: 37]. وهكذا دخلتْ المسألة في طَوْر المواجهة لأن كلامنا كلامُ النبوة التي لا تقبل المساومة، لا كلام الملك الذي يسعى لحطام الدنيا. { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ } [النمل: 37] وكأنه يكشف لهم عن قَوْل ملكتهم:إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً.. } [النمل: 34] وهذه أيضاً من إشراقات النبوة. ومعنى { لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا.. } [النمل: 37] تقول: لا قِبَل لي بكذا. يعني: لا أستطيع مقابلته، وأنا أضعف من أنْ أقابله، أَوْ لا طاقة لي به { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً.. } [النمل: 37] لأنه سيسلب مُلْكهم، فبعد أنْ كانوا ملوكاً صاروا عبيداً، ثم يزيد في حِدّته عليهم { وَهُمْ صَاغِرُونَ } [النمل: 37] لأنهم قد يقبلون حالة العبودية وعيشة الرعية، فزاد { وَهُمْ صَاغِرُونَ } [النمل: 37] لأن الصَّغَار لا يكون إلا بالقَتْل والأَسْر. ثم يقول الحق سبحانه: { قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ... }.