الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ }

وتعرض بلقيس رأيها { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا.. } [النمل: 34]، ذلك لأنهم يريدون مُلْكاً، فينهبون كل ما يمرُّون به بل ويُخربون ويفسدون لماذا؟ لأنهم ساعةَ يصل الملِك المغير لا يضمن النصر لذلك يُخرِّب كل شيء، حتى إذا ما عرف أنه انتصر، وأن الأمور قد استقرتْ له يحافظ على الأشياء ولا يُخربها. { وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً.. } [النمل: 34] لأن الملْك يقوم على أنقاض مُلْك قديم، فيكون أصحاب العزة والسيادة هم أول مَنْ يُبدأ بهم لأن الأمر أُخِذ من أيديهم، وسوف يسعَوْن لاستعادته، ولا بُدَّ أنْ يكون عندهم غَيْظ ولَدَد في الخصومة. أما قوله تعالى: { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } [النمل: 34] فللعلماء فيه كلام: قالوا إنه من كلام بلقيس، وكأنه تذييل لكلامها السابق، لكن ماذا يضيف { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } [النمل: 34] بعد أن قالت { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً.. } [النمل: 34]. فالرأي الصواب أن هذه العبارة من الحق - سبحانه وتعالى - ليُصدِّق على كلامها، وأنها أصابت في رأيها، فكذلك يفعل الملوك إذا دخلوا قرية، مما يدل على أن الحق سبحانه رب الخلْق أجمعين، إذا سمع من عبد من عبيده كلمة حق يؤيده فيها، لا يتعصب ضده، ولا يهضمه حقه.