الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قلنا: إن هذه العبارة أول مَنْ قالها نوح - عليه السلام - ثم سيقولها الأنبياء من بعده. لكن: لماذا لم يقل هذه العبارة إبراهيم؟ ولم يقُلْها موسى؟ قالوا: لأن إبراهيم - عليه السلام - أول ما دعا دعا عمه آزر، فكيف يطلب منه أَجْراً؟ وكذلك موسى - عليه السلام - أول دعوته دعا فرعون الذي ربَّاه في بيته، وله عليه فضل وجميل، فكيف يطلب منه أجراً، وقد قال له:قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } [الشعراء: 18]. لذلك لم تأْت هذه المقولة على لسان أحد منهما. وقال: { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الشعراء: 127] لأن الربَّ هو الذي يتولَّى الخَلْق بالبذْل والعطايا والإمداد. وقلنا: إن عدم أخذ الأجر ليس زُهْداً فيه، إنما طمعاً في أنْ يأخذ أجره من الله، لا من الناس. ثم يتوجّه إليهم ليُصحِّح بعض المسائل الخاصة بهم: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ... }.