الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً }

تلحظ أنهم يتنزلون في لَدَدهم وجَدَلهم، فبعد أنْ طلبوا مَلَكاً يقولون { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ } [الفرقان: 8] أي: ينزل عليه ليعيش منه { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا } [الفرقان: 8] أي: بستان { وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } [الفرقان: 8]. والمسحور هو الذي ذهب السِّحْر بعقله، والعقل هو الذي يختار بين البدائل ويُرتِّب التصرُّفات، ففاقد العقل لا يمكن أن يكونَ منطقياً في تصرفاته ولا في كلامه، ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس كذلك، فأنتم تعرفون خُلقه وأمانته، وتُسمُّونه " الصادق الأمين " وتعترفون بسلامة تصرفاته وحكمته، كيف تقولون عنه مجنون؟ لذلك يقول تعالى ردًّا عليهم:نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 1-4]. والخُلُق يسوي تصرُّفات الإنسان فيجعلها مُسْعدة غير مفسدة، فكيف - إذن - يكون ذو الخُلق مجنوناً؟ إذن: ليس محمد مسحوراً. وفي موضع آخر قالوا: ساحر، وعلى فرض أنه صلى الله عليه وسلم ساحر، فلماذا لم يسحركم كما سَحَر المؤمنين به؟ إنه لَجَج الباطل وتخبّطه واضطرابه في المجابهة. ثم يقول الحق سبحانه: { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ... }.