الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً }

قوله تعالى: { ذُكِّرُواْ.. } [الفرقان: 73] لا تُقال إلا إذا كان المقابل لك الذي تذكره عنده إلْفٌ بالذكْر، وعنده عِلْم به، والآيات التي تُذكِّر بها لها قدوم أول، ولها قدوم ثانٍ: القدوم الأول: هو الإعلان الأول بها، والقدوم الثاني: حين تنسى نُذكّرك بها. وسبق أنْ قُلْنا: إن الآيات تُطلَق على معَانٍ ثلاثة: إمّا آيات كونية تُلفِت النظر إلى قدرة الله تعالى، وأنه صانع حكيم.. الخ، وإمّا آيات معجزات جاءت لتأييد الرسل وإثبات صِدْقهم في البلاغ عن الله، وإمّا آيات الذكْر الحكيم، والتي تُسمَّى حاملة الأحكام، وهي تُنبِّه من الغفلة، وتُذكِّر الناس. فالمعنى { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ.. } [الفرقان: 73] أي: في القرآن الكريم: { لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } [الفرقان: 73] لم يخروا: الخرّ: هو السقوط بلا نظام وبلا ترتيب. كما جاء في قوله تعالى:فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ.. } [النحل: 26] فالسقف إنْ خَرّ يخرّ بلا نظام وبلا ترتيب. ومنه قوله تعالى في صفات المؤمنين:وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ.. } [الإسراء: 108-109] لأنهم يخرّون بانفعال قَسْريّ، ينشأ من سماع القرآن. إذن: حين يُذكَّرون بآيات الله لم يخرّوا عليها ُصُمّاً وعمياناً، إنما يخِرُّون وهم مُصغون تمام الإصغاء، ومبصرون تمام الإبصار. ثم يقول الحق سبحانه عنهم: { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا... }.