الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً }

نلحظ أن الحق - تبارك وتعالى - حينما ذكر الصفة الملزمة لأنْ تخضع له سبحانه لم يَقُلْ مثلاً: اسجدوا لله، إنما { ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ.. } [الفرقان: 60] وأتى بالصفة التي تُعدِّي رحمانيته إليك، فكان من الواجب أنْ تطيع، وأن تخضع له. كما قُلْنا سابقاً: اجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن مُلْكه. { قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ.. } [الفرقان: 60] كأنهم لا يعرفون هذه الكلمة، إنهم لا يعرفون إلا رحمٰن اليمامة. وقولهم: { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا.. } [الفرقان: 60] دليل على أن الامتناع عن السجود ليس للذات المسجود لها، بل لمن أمر بالسجود، كما سبق وأنْ قالوا:لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31] فكأنهم إنْ أمرهم الله بالسجود لسجدوا، لكن كيف يأتي الأمر من الرسول خاصة؟ وما مَيْزته عليهم حتى يأمرهم لذلك قال بعدها: { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } [الفرقان: 60] والنفور: الانفكاك عن الشيء بكُرْه. ثم يقول الحق سبحانه: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ... }.