الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً }

أي: ما دُمْنا قد جمعنا لك كل القرى، وحمّلناك الرسالة العامَة في كل الزمان وفي كل المكان، فعليك أن تقف الموقف المناسب لهذه المهمة { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ.. } [الفرقان: 52] إنْ لوَّحُوا لك بالملك أو بالمال أو بالجاه والشرف، واعلم أن ما أعده الله لك وما ادخره لك فوق هذا كله. وحين يقول سبحانه لرسول صلى الله عليه وسلم { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ.. } [الفرقان: 52] فإنه يعذره أمامهم، فالرسول ينفذ أوامر الله. وَنَهْى الرسول عن طاعة الكافرين لا يعني أنه صلى الله عليه وسلم يطيعهم، فهذه كقوله تعالى:يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ.. } [النساء: 136] فكيف يطلب الإيمان ممَّنْ ناداهم بالإيمان؟ إنه تحصيل حاصل. قالوا المعنى: أنت آمنتَ قبل أن أقول لك هذه الكلمة، وأقولها لك الآن لتُواصل إيماناً جديداً بالإيمان الأول، وإياك أنْ ينحلّ عنك الإيمان. إذن: إذا طُلِب الموجود فالمراد استدامة الوجود. وقوله تعالى: { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ.. } [الفرقان: 52] أي: بما جاءك من القرآن { جِهَاداً كَبيراً } [الفرقان: 52] واعلم أنك غالب بأمر الله عليهم، ولا تقُلْ: إن هناك تيارَ إشراك وكفر وإيمان، وسوف أعطيك مثلاً كونياً في أهم شيء في حياتك، وهو الماء: { وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ... }.