قوله تعالى: { بَلْدَةً مَّيْتاً.. } [الفرقان: 49] أي: أرض بلدة مَيْتٍ، وفرْق بين ميْت وميِّت: الميْت هو الذي مات بالفعل، والميِّت هو الذي يؤول أمره إلى الموت، وإنْ كان ما يزال على قيد الحياة، ومن ذلك قوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم:{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [الزمر: 30]. والأرض الميْتة هي الجرداء الخالية من النبات، فإذا نزل عليها الماء أحياها بالنبات، كما في قوله سبحانه:{ وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [الحج: 5]. وقوله تعالى: { وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } [الفرقان: 49] يُقال سقاه وأسقاه: أسقاه: أعدَّ له ما يستقي منه، وإنْ لم يشرب الآن، لكن سقاه يعني: ناوله ما يشربه، ومن ذلك قوله سبحانه:{ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21]. أمّا في المطر فيقول سبحانه:{ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ.. } [الحجر: 22] أي: أعددناه لِسُقْياكم إنْ أردتم السُّقْيا. ومعنى { وَأَنَاسِيَّ.. } [الفرقان: 49] جمع إنسان، وأصلها أناسين، وخُفِّفَتْ إلى أناسيّ. ثم يقول الحق سبحانه: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ... }.