الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً }

يُضرِب السياق عن الكلام السابق، ويعود إلى مسألة تكذيبهم وعدم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن الإيمان ليس في مصلحتهم، فالإيمان يقتضي حساباً وجزاءً، وهم يريدون التمادي في باطلهم والاستمرار في لَغْوهم واستهتارهم ومعاصيهم لذلك يُكذِّبهم أنفسهم ويخدعونها ليظلوا على ما هم عليه. ولذلك ترى الذين يُسرفون على أنفسهم في الدنيا من الماديين والملاحدة والفلاسفة يتمنون أنْ تكون قضية الدين قضيةً فاسدة كاذبة، فينكرونها بكل ما لديْهم من قوة، فالدين عندهم أمر غير معقول لأنهم لو أقروا به فمصيبتهم كبيرة. ومعنى: { وَأَعْتَدْنَا.. } [الفرقان: 11] هيّأنا وأعددْنا لهم سعيراً لأن عدم إيمانهم بالساعة هو الذي جَرَّ عليهم العذاب، ولو أنهم آمنوا بها وبلقاء الله وبالحساب وبالجزاء لاهتَدوْا، واعتدلوا على الجادة، ولَنجَوْا من هذا السعير. والسعير: اسم للنار المسعورة التي تلتهم كل ما أمامهم، كما نقول: كَلْب مسعور، ثم يقول سبحانه في وصفها: { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ... }.