الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

{ قُل.. } [المؤمنون: 93] أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { رَّبِّ.. } [المؤمنون: 93] منادى حُذِفَتْ منه أداة النداء يعني: يا رب { إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } [المؤمنون: 93] يعني: من العذاب { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 94] أي: إن قدَّرتَ أن تعذبهم في حياتي فلا تُعذِّبهم وأنا فيهم. وهذا من رقة قلبه صلى الله عليه وسلم، وحين اشتد به إيذاء الكفار وعنادهم في أوَل الدعوة أرسل الله إليه الملائكة تعرض عليه الانتقام من قومه المكذِّبين به، لكنه يأبى ذلك ويقول: " اللهم اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون " ويقول: " لعلَّ الله يُخرِج من أصلابهم مَنْ يقول: لا إله إلا الله ". كما أن موقفه يوم فتح مكة واضح ومعروف ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أُرسِل رحمة للعالمين. لكن، هل قال الرسول ودعا بهذا الدعاء لأنه يعتقد أن الله يجعله معهم حين ينزل بهم العذاب؟ نقول: لا لأنه لم يقُلْ هذه الجملة من نفسه، إنما أمره الله بها، ولم يكُنْ رسول الله ليعتقد هذا الاعتقاد، إذن: المسألة وَحْي من الله لا بُدَّ أن يُبلِّغه، وأن يقولها كما قالها الله لأن مدلولها رحمة به في ألاَّ يرى مَنْ يعذب، أو من باب قوله تعالى:وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً.. } [الأنفال: 25]. وهذا الدعاء الذي دعا به رسول الله يدفع عنه أيَّ خاطر يطرأ عليه، ويطمئنه أن هذا الأمر لن يحدث. وقوله: { إِمَّا تُرِيَنِّي.. } [المؤمنون: 93] عبارة عن إنْ و مَا وهما يدلان على معنى الشرطية والزمنية، فكأنه قال: قُلْ ساعةَ أن ينزل بهم العذاب: ربِّ لا تجعلني في القوم الظالمين.