الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ }

{ ٱلصِّرَاطِ.. } [المؤمنون: 74] هو الطريق المستقيم الذي يُؤدِّي إلى الغاية بأقلّ مجهود، وفي أقل وقت ويوصلك إلى أفضل غاية. والطريق يأخذ حظه من العناية والاهتمام بقدر الغاية الموصِّل إليها، فالطريق من القاهرة إلى الإسكندرية غير الطريق بين القرى والنُّجوع. ومعنى: { لَنَاكِبُونَ } [المؤمنون: 74] يعني: منحرفون عن الطريق، ولهم حَظٌّ في الاعوجاج وعدم الاستقامة لذلك يقول لك مَنْ يريد الصدق تعال دوغري يعني: من الطريق المستقيم الذي لا اعوجاجَ فيه ولا مراوغةَ. لكن، ما الذي جعلهم يتنكّبون الطريق المستقيم الذي يُنظِّم لهم حركة الحياة، ويجعلها تتساند لا تتعاند، ويعود مجهود الفرد على الباقين؟ لماذا يحرِمون أنفسهم من مزايا هذا الطريق؟ قالوا: لأنهم مكذبون بالآخرة، ولو لم يكونوا مكذبين بالآخرة لآمنوا واتبعوا منهج الله لأنهم سيئولون إلى الله أيلولةً، تعطي المحسن جزاءه وتعطي المسيء جزاءه. فالذي أفسد هؤلاء أنهم اتبعوا أهواءهم، وظنوا أن الدنيا هي الغاية وهي نهاية المطاف، وغفلوا عن الآخرة، وأنها دار النعيم الحقيقي الذي لا يفوتُك ولا تفوته. كما قال عنها الحق سبحانه وتعالى:وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [العنكبوت: 64] يعني: الحياة الحقيقية. ثم يقول الحق سبحانه: { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ... }.