الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }

{ ٱخْسَئُواْ } [المؤمنون: 108] كلمة بليغة في الزجر تعني: السكوت مع الذّلة والهوان لذلك يقولونها للكلاب، وقد تقول لصاحبك: اسكت على سبيل التكريم له، كما لو حدَّثك عن فضلك عليه، وأنك قدَّمْتَ له كذا وكذا فتقول له: اسكت اسكت، تريد له العزة، وألاَّ يقف أمامك موقف الضعف والذلة. والخسوء من معانيها أنك تضعف عن تحمُّل الشيء، كما في قوله تعالى:ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } [الملك: 4] يعني: ضعيف عن تحمُّل الضوء. وفي قوله سبحانه:وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [البقرة: 65] يعني: مطرودون مُبْعدون عن سُمو الإنسانية وعِزّتها لذلك نرى القردة مفضوحي السَّوْءة، خفيفي الحركة بما لا يتناسب وكرامة الإنسان. إذن: ليس المراد أنهم أصبحوا قردة، إنما كونوا على هيئة القردة لذلك نراهم حتى الآن لا يهتمون بمسألة العِرْض وانكشاف العورة. إذن: المعنى { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] اسكتوا سكوتاً بذلّة وهَوَان، ويكفي ما صنعتموه بالمؤمنين بي فيقول الحق سبحانه: { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا... }.