الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ }

أي: قادمين خلفي وسيتبعونني، أما أنا فقد { عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } [طه: 84] تعجَّلْتُ في المثول بين يديك لترضى. وقد تعجَّل موسى إلى ميقات ربه، وسبق قومه لحكمة، فالإنسان حين يأمر غيره بأمر فيه مشقّة على النفس وتقييد لشهواتها، لا بُدَّ أن يبدأ بنفسه يقول: أنا لست بنجْوَةٍ عن هذا الأمر، بل أنا أول مَنْ أُنفِّذ ما آمركم به، وسوف أسبقكم إليه. لذلك يقول القائد الفاتح طارق بن زياد لجنوده: " واعلموا أني إذا التقى الفريقان مُقبِل بنفسي على طاغية القوم - لزريق - فقاتله إن شاء الله، فإن قتلته فقد كُفيتم أمره " وهكذا تكون القيادة قدوة ومثَلاً كما يقولون في الأمثال اعمل كذا وإيدي في إيدك وهنا يقول: يدي قبل يدك. فموسى عليه السلام يقول: { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } [طه: 84] ترضى أن منهجك يُطبَّق من جهتي كرسول مؤتمن عليه، ومن جهة قومي لأنهم حين يروني قد تعجلت للقائك في الموعد يعلمون أن في ذلك خيراً لهم، وإلا ما سبقتهم إليه. وبذلك يسود منهج الله ويُمكَّن في الأرض، وإذا ساد منهج الله رضي الله. عن خليفته في الأرض. ثم يُخبر الحق - تبارك وتعالى - نبيه موسى - عليه السلام - بما كان من قومه بعد مفارقته لهم من مسألة عبادة العجل.