الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ }

الآيات: الأمور العجيبة، كما نقول: فلان آية في الذكاء، آية في الحسن، آية في الكرم. يعني: عجيب في بابه، وسبق أنْ قسّمنا آيات الله إلى: آيات كونية كالشمس والقمر، وآيات لإثبات صِدْق الرسُل، وهي المعجزات وآيات القرآن الكريم، والتي تسمى حاملة الأحكام. لكن آيات الله - عز وجل - كثيرة ولا تُحصى، فهل المراد هنا أن فرعون رأى كل آيات الله؟ لا لأن المراد هنا الآيات الإضافية، وهي الآيات التسعة التي جعلها الله حُجّة لموسى وهارون، ودليلاً على صِدْقهما، كما قال سبحانه:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ.. } [الإسراء: 101]. وهي: العصا واليد والطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم والسنين والنقص من الثمرات. تلك هي الآيات التي أراها الله لفرعون. والكلية في قوله: { آيَاتِنَا كُلَّهَا.. } [طه: 56] كلية إضافية. أي: كل الآيات الخاصة به كما تقول لولدك لقد أحضرتُ لك كل شيء وليس المقصود أنك أتيتَ له بكل ما في الوجود، إنما هي كلية إضافية تعني كل شيء تحتاج إليه. ومع ذلك كانت النتيجة { فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } [طه: 56] كذَّب: يعني نسبها إلى الكذب، والكذب قَوْل لا واقعَ له، وكان تكذيبه لموسى عِلَّة إبائه { وَأَبَىٰ } [طه: 56] امتنعَ عن الإيمان بما جاء به موسى. ولو ناقشنا فرعون في تكذيبه لموسى عندما قال:رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه: 50]. لما كذبتَ يا فرعون؟ الحق سبحانه قال: خلقتُ هذا الكون بما فيه، ولم يَأْتِ أحد لينقضَ هذا القول، أو يدَّعيه لنفسه، حتى أنت يا مَنْ ادعيْتَ الألوهية لم تدَّعِ خَلْق شيء، فهي - إذن - قضية مُسلَّم بها للخالق عز وجل لم ينازعه فيها أحد، فأنت - إذن - كاذب في تكذيبك لموسى، وفي إبائك الإيمان به. ثم يقول الحق سبحانه: { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا... }.