الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ }

ونلحظ هنا أنهما لم يواجهاه بما ادعاه من الألوهية مرة واحدة، إنما أشارا إلى مقام الربوبية { رَسُولاَ رَبِّكَ.. } [طه: 47] وهذه هِزّة قوية تزلزل فرعون، ثم تحوّلا إلى مسألة أخرى، وهي قضية بني إسرائيل، وكان فرعون يُسخِّرهم في خدمته ويُعذِّبهم ويشقّ عليهم. { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ.. } [طه: 47] فقد جئنا لنأخذ أولادنا وننقذهم من هذا العذاب { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ.. } [طه: 47] أي: معجزة { مِّن رَّبِّكَ.. } [طه: 47] فأعادوا عليه هذه الكلمة مرة أخرى. وقد علّمهما الحق سبحانه كيف يدخلون على فرعون؟ وكيف يتحدثون معه في أمر لا يمسّ كبرياءه وألوهيته. وبنو إسرائيل هم البقية الباقية من يوسف عليه السلام وإخوته، لما جاءوا إلى مصر في أيام العزيز الذي قرَّب يوسف وجعله على خزائن الأرض، كما قال تعالى في قصة يوسف:وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } [يوسف: 54-55]. وقوله: { وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } [طه: 47] وهذه ليست تحية لأنك تُحيي مَنْ كان مُتبعاً للهدى، وتدعو له بالسلام، فإنْ لم يكُنْ كذلك فهي نهاية للكلام. لذلك كان يكتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبه إلى المقوقس عظيم القبط، وإلى هرقل عظيم الروم، يقول: " اسلم تسلم، يؤتِكَ الله أجرك مرتين، فإنْ توليت فإنما عليك إثم الأريسيين والسلام على مَنِ اتبع الهدى ". قال موسى وهارون لفرعون: { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ... }.