الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

الله تبارك وتعالى أراد أن يلفتنا إلى أن اليهود لم يقتلوا الأنبياء ويحرفوا التوراة ويشتروا بآيات الله جاه الدنيا فقط.. ولكنهم عادوا الملائكة أيضاً.. بل إنهم أضمروا العداوة لأقرب الملائكة إلى الله الذي نزل بوحي القرآن وهو جبريل عليه السلام.. وأنهم قالوا جبريل عدو لنا. الخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولقد جلس ابن جوريا أحد أحبار اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له من الذي ينزل عليك بالوحي؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام جبريل.. فقال اليهودي لو كان غيره لآمنا بك.. جبريل عدونا لأنه ينزل دائماً بالخسف والعذاب.. ولكن ميكائيل ينزل بالرحمة والغيث والخصب.. وأيضاً هو عدوهم لأنهم اعتقدوا أن بيت المقدس سيخربه رجل اسمه بختنصر، فأرسل اليهود إليه من يقتله.. فلقى اليهودي غلاماً صغيراً وسأله الغلام ماذا تريد؟ قال إني أريد أن أقتل بختنصر لأنه عندنا في التوراة هو الذي سيخرب بيت المقدس.. فقال الغلام إن يكن مقدراً أن يخرب هذا الرجل بيت المقدس فلن تقدر عليه.. لأن المقدر نافذ سواء رضينا أم لم نرضى.. وإن لم يكن مقدراً فلماذا تقتله؟ أي أن الطفل قال له إذا كان الله قد قضى في الكتاب أن بختنصر سيخرب بيت المقدس.. فلا أحد يستطيع أن يمنع قضاء الله.. ولن تقدر عليه لتقتله وتمنع تخريب بيت المقدس على يديه.. وإن كان هذا غير صحيح فلماذا تقتل نفساً بغير ذنب.. فعاد اليهودي دون أن يقتل بختنصر.. وعندما رجع إلى قومه قالوا له إن جبريل هو الذي تمثل لك في صورة طفل وأقنعك ألا تقتل هذا الرجل. ويروى أن سيدنا عمر بن الخطاب كان له أرض في أعلى المدينة.. وكان حين يذهب إليها يمر على مدارس اليهود ويجلس إليهم.. وظن اليهود أن مجلس عمر معهم إنما يعبر عن حبه لهم.. فقالوا له إننا نحبك ونحترمك ونطمع فيك.. ففهم عمر مرادهم فقال والله ما جالستكم حباً فيكم.. ولكني أحببت أن أزداد تصورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم عنه ما في كتابكم.. فقالوا له ومن يخبر محمداً بأخبارنا وأسرارنا؟ فقال عمر إنه جبريل ينزل عليه من السماء بأخباركم.. قالوا هو عدونا.. فقال عمر كيف منزلته من الله؟ قالوا إنه يجلس عن يمين الله وميكائيل يجلس عن يسار الله.. فقال عمر ما دام الأمر كما قلتم فليس أحدهما عدواً للآخر لأنهما عند الله في منزلة واحدة.

السابقالتالي
2