الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }

أخذ الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل ثمانية أشياء: الميثاق.. وهو العهد الموثق المربوط ربطاً دقيقاً وهو عهد الفطرة أو عهد الذر.. مصداقاً لقوله تعالى:وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ.. } [الأعراف: 172]. وهناك عهد آخر أخذه سبحانه وتعالى على رسله جميعاً.. أن يبشروا برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويطلبوا من أتباعهم أن يؤمنوا به عند بعثه.. أو ألا يكتموا ما في كتبهم وإلا يغيروه.. والميثاق هو كل شيء فيه تكليف من الله.. ذلك أنك تدخل في عقد إيماني مع الله سبحانه وتعالى بأن تفعل ما يأمر به وتترك ما نهى عنه.. هذا هو الميثاق.. كلمة الميثاق وردت في القرآن الكريم بوصف غليظ.. في علاقة الرجل بالمرأة.. قال سبحانه وتعالى:وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [النساء: 20-21]. نقول نعم لأن هذا الميثاق سيحل للمرأة أشياء لا تكون إلا به.. أشياء لا تحل لأبيها أو لأخيها أو أي إنسان عدا زوجها.. والرجل إذا دخل على ابنته وكانت ساقها مكشوفة تسارع بتغطيتها.. فإذا دخل عليها زوجها فلا شيء عليها.. إذن هو ميثاق غليظ لأنه دخل مناطق العورة وأباح العورة للزوج والزوجة.. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ.. } [البقرة: 187]. إن كلا منهما يغطي ويخفي ويستر عورة الآخر.. والأب لا يفرح من انتقال ولاية ابنته إلى غيره.. إلا انتقال هذه الولاية لزوجها.. ويشعر بالقلق عندما تكبر الفتاة ولا تتزوج. الحق يقول: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } [البقرة: 83] هذا الميثاق شمل ثلاثة شروط: { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } [البقرة: 83].. أي تعبدون الله وحده.. وتؤمنون بالتوراة وبموسى نبياً.. لماذا؟ لأن عبادة الله وحده هي قمة الإيمان.. ولكن لا تحدد أنت منهج عبادته سبحانه.. بل الذي يحدد منهج العبادة هو المعبود وليس العابد.. لابد أن تتخذ المنهج المنزل من الله وهو التوراة وتؤمن به.. ثم بعد ذلك تؤمن بموسى نبياً.. لأنه هو الذي نزلت عليه التوراة.. وهو الذي سيبين لك طريق العبادة الصحيحة. وبدون هذه الشروط الثلاثة لا تستقيم عبادة بني إسرائيل.. وقوله تعالى: { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [البقرة: 83] لأنهما السبب المباشر في وجودك.. ربياك وأنت صغير، ورعياك، وقوله تعالى: " إحساناً " معناه زيادة على المفروض.

السابقالتالي
2 3 4