الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ }

بعد أن أسكن الله سبحانه وتعالى آدم وزوجه في الجنة، وأخبرهما بما هو حلال وما هو حرام، بدأ الشيطان مهمته، مهمة عداوته الرهيبة لآدم وذريته. والحق سبحانه يقول: { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } [البقرة: 36] أي: أن الشيطان باشر مهمته فأوقعهما في الزَّلة، وهي العثرة أو الكبوة. كيف حدث ذلك والله تعالى قد نصح آدم وزوجه ألا يتبعا الشيطان، وأبلغه أنه عدو لهما في قوله تعالى:إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } [طه: 117]. إذن: فالعداوة معلنة ومسبقة، ولنفرض أنها غير معلنة، ألم يشهد آدم الموقف الذي عصى فيه إبليس أمر الله ولم يسجد لآدم؟ ألم يعرف مدى تكبر إبليس عليه في قولهأَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } [ص: 76] وقولهأَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [الإسراء: 61] كل هذا ينبغي أن ينبه آدم إلى أن إبليس لن يأتي له بخير أبداً. والحق سبحانه وتعالى لم يكتف بالدلالات الطبيعية التي نشأت عن موقف إبليس في رفضه السجود، بل أخبر آدم أن الشيطان عدو له ولزوجه.. يقول الحق سبحانه وتعالى: { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } [البقرة: 36] مِمَّ أخرجهما؟ من العيش الرغيد، واسع النعمة في الجنة، ومن الهدوء والاطمئنان في أن رزقهما يأتيهما بلا تعب. ولذلك سيأتي الحق في آية أخرى ويقول:فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } [طه: 117]. وهنا لابد أن نتساءل: لماذا لم يقل فتشقيا؟ إن هذه لفتة من الحق سبحانه وتعالى.. إلى مهمة المرأة، ومهمة الرجل في الحياة. فمهمة المرأة أن تكون سكناً لزوجها عندما يعود إلى بيته، تُذْهب تعبه وشقاءه، أما مهمة الرجل فهي العمل حتى يوفر الطعام والمسكن لزوجته وأولاده، والعمل تعب وحركة. وهكذا لفتنا الحق تبارك وتعالى إلى أن مهمة الرجل أن يكدح ويشقى، ثم يأتي إلى أهله فتكون السكينة والراحة والاطمئنان. إذا كانت هذه هي الحقيقة، فلماذا يأتي العالم ليغيِّر هذا النظام؟ نقول إن العالم هو الذي يُتعب نفسه. ويُتعب الدنيا. فعمل المرأة شقاء لها، فمهمتها هي البيت، وليس عندها وقت لأي شيء آخر، فإذا عملت فذلك على حساب أولادها وبيتها وزوجها.. ومن هنا ينشأ الشقاء في المجتمع، فيضيع الأولاد، ويهرب الزوج إلى مكان فيه امرأة تعطيه السكن الذي يحتاج إليه، وينتهي المجتمع إلى فوضى. وكان يجب على آدم أن يتنبه إلى أن إبليس يعتبره السبب في طرده من رحمة الله فلا يقبل منه نصيحة ولا كلاماً، ويحتاط.. كيف أزل الشيطان آدم وزوجه؟ لقد بيَّن الله سبحانه وتعالى لنا هذا، ولكن ليس في سورة البقرة، وإنما في آية أخرى.. فقال تعالى:فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ }

السابقالتالي
2 3