الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

الحق تبارك وتعالى في قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ.. } [النحل: 104]. ينفي عن هؤلاء صفة الإيمان، فكيف يقول بعدها: { لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ.. } [النحل: 104]. أليسوا غير مؤمنين، وغير مُهْتدين؟ قُلْنا: إن الهداية نوعان: - هداية دلالة وإرشاد، وهذه يستوي فيها المؤمن والكافر، فقد دَلَّ الله الجميع، وأوضح الطريق للجميع، ومنها قوله تعالى:وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ.. } [فصلت: 17]. أي: أرشدناهم ودَلَلْناهم. - وهداية المعونة والتوفيق، وهذه لا تكون إلا للمؤمن، ومنها قوله تعالى:وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [محمد: 17]. إذن: معنى: { لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ.. } [النحل: 104]. أي: هداية معونة وتوفيق. ويصح أن نقول أيضاً: إن الجهة هنا مُنفكّة إلى شيء آخر، فيكون المعنى: لا يهديهم إلى طريق الجنة، بل إلى طريق النار، كما قال تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ.. } [النساء: 168-169]. بدليل قوله تعالى بعدها: { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النحل: 104]. ولأنه سبحانه في المقابل عندما تحدَّث عن المؤمنين قال:وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [محمد: 6]. أي: هداهم لها وعرَّفهم طريقها. ثم يقول الحق تبارك وتعالى: { إِنَّمَا يَفْتَرِي... }.