الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ }

وكلمة ضيف تدلُّ على المائل لغيره لقِرَىً أو استئناس، ويُسمونه " المُنْضوي " لأنه ينضوي إلى غيره لطلب القِرَى، ولطلب الأمن. ومن معاني المُنْضوي أنه مالَ ناحية الضَّوْء. وكان الكرماء من العرب من أهل السماحة لا تقتصر سماحتهم على مَنْ يطرقون بابهم، ولكنهم يُعلِنون عن أنفسهم بالنار ليراها مَنْ يسير في الطريق ليهتدي إليهم. وكلنا قرأنا ما قاله حاتم الطائي للعبد الذي يخدمه:
أَوْقِد النارَ فإنَّ الليْلَ لَيْل قُرّ   
والريحُ يَا غُلامُ ريحُ صِرّ   
إنْ جلبت لنَا ضَيْفاً فأنت حُر   
وهكذا نعرف أصلَ كلمة انضوى. أي: تَبِع الضوء. وكلمة ضيف لفظ مُفْرد يُطلَق على المفرد والمُثنَّى والجمع، إناثاً أو ذكوراً، فيُقال: جاءني ضيف فأكرمته، ويقال: جاءني ضيف فأكرمتها، ويقال: جاءني ضيف فأكرمتهما، وجاءني ضيف فأكرمتهم، وجاءني ضيف فأكرمتهُنَّ. وكلُّ ذلك لأن كلمة " ضيف " قامت مقام المصدر. ولكن هناك من أهل العربية مَنْ يجمعون " ضيف " على " أضياف " ويجمعون " ضيف " على " ضيوف " ، أو يجمعون " ضيف " على " ضِيفان ". ولننتبه إلى أن الضيفَ إذا أُطلِق على جَمْع فمعناه أن فرداً قد جاء ومعه غيره، وإذا جاءت جماعة، ثم تبعتْهَا جماعة أخرى نقول: وجاءت ضيف أخرى. وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نعلم أنهم ليسوا ضيفاً من الآية التي تليها التي قال فيها الحق سبحانه: { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ... }.