الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ }

والمجرم هو مَن ارتكب ذنباً، وهو هنا مَنِ ارتكب ذنب القِمّة. وهو الكفر بالله، ومن بعده مَنِ ارتكب الذنوب التي دون الكفر، وتراهم جميعاً مجموعين بعضهم مع بعض في " قرنٍ " وهو الحبل أو القَيْد الذي يُقيَّدون به. والأصفاد جمع صَفَد، وهو القيد الذي يوضع في الرِّجلْ وهو مِثْل الخُلْخال وهناك مَنْ يُقيّدون في الأصفاد أي: من أرجلهم، وهناك مَنْ يقيد بالأغلال. أي: أنْ توضع أيديهم في سلاسل، وتُعلَّق تلك السلاسل في رقابهم أيضاً. وكلُّ أصحاب جريمة مُعيّنة يجمعهم رباط واحد، ذلك أن أهل كل جريمة تجمعهم أثناء الحياة الدنيا - في الغالب - مودَّة وتعاطف، أما هنا فسنجدهم متنافرين، وعلى عداء، ويلعن كل منهم الآخر وكل منهم يناكف الآخر ويضايقه، ويعلن ضِيقة منه، مصداقاً لقول الحق سبحانه:ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]. وكأن كلاً منهم يُعذّب الآخر من قبل أنْ يذوقوا جميعاً العذاب الكبير. ولذلك نجدهم يقولون:رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } [فصلت: 29]. ويقولون:رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ * رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } [الأحزاب: 67-68]. ويستكمل الحق سبحانه صورة هؤلاء المُذْنبِين: فيقول: { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ... }.