الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

ولو كان لمكرهم مفعولٌ أو فائدة لَمَا قال الحق سبحانه أن وعده لرسله لن يُخْلفَ، ولكن مكرَهم فاسدٌ من أوله وبلا مفعول، وسبحانه هو القائل:وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [الصافات: 171-173]. إذن: فوَعْد الله لرُسله لا يمكن أن يُخْلفَ. والوعود في القرآن كثيرة فهناك وَعْد الشيطان لأوليائه، مصداقاً لقول الحق سبحانه:ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً.. } [البقرة: 168] وهناك وَعْد من الله للمؤمنين:وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ.. } [النور: 55]. فإذا كان الحق سبحانه لا يُخلِف وَعْده لأتباع الرسول أَيُخلِف وَعْده للرسول؟ طبعاً لا لأن الوعد على إطلاقه من الله مُوفىً فكيف إذا كان للرسل وللمؤمنين؟ يقول الحق سبحانه وتعالى:إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [غافر: 51]. والنصر يقتضي هزيمة المقابل، ويحتاج النصر لصفة تناسبه والصفة المناسبة هي صدوره من عزيز لا يُغلب والهزيمة لمن كفروا تحتاج إلى صفة والصفة المناسبة هي تحقُّق الهزيمة بأمر مُنتقِم جبّار. ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ... }.