الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ }

والقتل هو قمة ما فكّروا فيه من شرّ ولأنهم من الأسباط هبط الشر إلى مرتبة أقل فقالوا: { أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً.. } [يوسف: 9]. فكأنهم خافوا من إثم القتل وظنوا بذلك أنهم سينفردون بحبِّ أبيهم لأنهم قالوا: { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ.. } [يوسف: 9]. والوجه هو الذي تتم به المواجهة والابتسام والحنان، وهو ما تظهر عليه الانفعالات. والمقصود بـ: { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ.. } [يوسف: 9]. هو ألا يوجد عائق بينكم وبين أبيهم. وقولهم: { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } [يوسف: 9]. أي: أنهم يُقدِّرون الصلاح ويعرفون أن الذي فكَّروا فيه غيرُ مقبول بموازين الصلاح ولذلك قالوا: إنهم سيتوبون من بعد ذلك. ولكن: ما الذي أدراهم أنهم سوف يعيشون إلى أن يتوبوا؟ وهم بقولهم هذا نَسُوا أن أمر المَوْت قد أُبهم حتى لا يرتكب أحدٌ المعاصيَ والكبائرَ. أو: أن يكون المقصود بـ: { قَوْماً صَالِحِينَ } [يوسف: 9]. هو أن يكونوا صالحين لحركة الحياة، ولعدم تنغيص علاقتهم بأبيهم فحين يخلُو لهم وجهه سيرتاحون إلى أن أباهم سيعدل بينهم، ويهبُهم كل حبه فيرتاحون. أو أن يكون المقصود بـ: { قَوْماً صَالِحِينَ } [يوسف: 9]. أن تلك المسألة التي تشغل بالهم وتأخذ جزءاً من تفكيرهم إذا ما وجدوا لها حلاً فسيرتاح بالهم فينصلح حالهم لإدارة شئون دنياهم. وهكذا نفهم أن سعيهم إلى الصلاح: منوط بمراداتهم في الحياة، بحسب مفهومهم للصلاح والحياة. ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ... }.