الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ }

وبعد أن وافقوا أخاهم الذي خفَّف من مسألة القتل، ووصل بها إلى مسألة الإلقاء في الجب بدأوا التنفيذ، فقال واحد منهم مُوجِّهاً الكلام لأبيه، وفي حضور كل الإخوة: { يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ.. } [يوسف: 11]. وساعة تسمع قول جماعة فاعلم أن واحداً منهم هو الذي قال، وأمَّنَ الباقون على كلامه إِما سُكوتاً أو بالإشارة. ولكي يتضح ذلك اقرأ قول الحق سبحانه عن دعاء موسى عليه السلام على فرعون وكان معه هارون. قال موسى عليه السلام:رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [يونس: 88]. ورد الحق سبحانه على دعاء موسى:قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا.. } [يونس: 89]. والذي دعا هو موسى، والذين أمَّنَ على الدعوة هو هارون عليه السلام. وهكذا نفهم أن الذي قال: { يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } [يوسف: 11]. تلك الكلمات التي وردتْ في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، هو واحد من إخوة يوسف، وأمَّن بقية الإخوة على كلامه. وقولهم: { مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } [يوسف: 11]. يدل أنه كانت هناك محاولات سابقة منهم في ذلك، ولم يوافقهم الأب. وقولهم: { وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } [يوسف: 11]. يعني أنهم سوف ينتبهون له، ولن يحدث له ضرر أو شرّ وسيعطونه كل اهتمام فلا داعي أن يخاف عليه الأب. ويستمر عَرْض ما جاء على لسان إخوة يوسف: { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً.. }.