الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ }

أي: أن لوطاً شعر بالسوء، وضاق بهم ذرعاً، والذرع مأخوذ من الذراع التي فيها الكف والأصابع وندفع بها الأشياء، وأي شيء تستطيع أن تمد إليه ذراعك لتدفع به، وإن لم تَطُله ذراعك قلت: " ضقت به ذرعاً " أي: أن يدي لم تطله، وهو أمر فوق قوتي وطاقتي، وفوق ما آتاني الله من الآلات ومن الحيل. وما الذي يسيء لوطاً في مجيء الملائكة؟ قيل: لأن الملائكة قد جاءوا على الشكل المعروف من الجمال، فحين يُقال: " فلان ملاك " ، أي: شكله جميل. ولوط - عليه السلام - يعلم أن آفة قومه هي إتيان الذكور، وامرأته تعلم هذه الآفة، لكن موقفها من ذلك غير موقف لوط، فهي ترحب بتلك الآفة. ويُقال: إنها تنبهت لمجيء الرجال الحِسان - ولم تعرف أنهم ملائكة العذاب - وصعدت إلى سطح المنزل، وصفقت لعل القوم ينتبهون لها، فلم يلتفت لها أحد، فأشعلت ناراً فانتبه لها القوم، وأشارت لهم بما يعبر عن مجيء ضيوف يتميزون بالجمال. وهنا قال لوط عليه السلام: {.. هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } [هود: 77]. أي: يوم شديد المتاعب. ويقال: " يوم عصيب " و " يوم عصبصب " ، ومنه " العُصْبَة " وهم جماعة يتكاتفون على شيء، ويقوى الفرد بمجموعهم، وقد صدق ظن لوط. وفي هذا يقول الحق سبحانه عن ذلك: { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ... }.