الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }

والشيء العجيب هو الذي يخالف نواميس الكون المعتادة، ولكن هناك فرقاً بين النواميس وخالق النواميس، الذي هو قادر على أن يخرق النواميس. وها هو سيدنا إبراهيم يقول في موضع آخر:أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ.. } [الحجر: 54]. ولم يأت هنا بقول امرأة إبراهيم التي قالت: { يَٰوَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً.. } [هود: 72]. وتسمية الزوج بعلاً فيها دقة شديدة لأن البعل هو الذي يقوم بأمر المبعول ولا يحوجه لأحد. كذلك الزوج يقوم بأمر زوجته فيما لا يستطيع أبوها ولا أخوها أن يقوما به، وهو الإحساس بالأنوثة والإخصاب، وهو أهم ما تطلبه المرأة. وأيضاً سُمِّي النخل بالبعل، لأنه لا يطلب من زارعة أن يسقيه، وإنما يكتفي النخل بما يمتصه من الأرض، وما ينزل له من مطر السماء. وكذلك سُمِّي نوع من الفول " بالفول البعلي " ، وهو الذي لا يحتاج إلى إرواء. إذن: فالبعل هو الزوج الذي يقوم على أمر زوجته فلا يُحوجها إلى غيره في أي شيء من الأشياء. وهنا تتعجب زوجة إبراهيم عليه السلام من أمر الإنجاب لأن هذا شيء عجيب يقع على غير انتظار ولذلك يرد الملائكة عليها. ويقول الحق سبحانه عن ذلك: { قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ... }.