الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

قوله - تعالى - { زُلْزِلَتِ } أى حركت تحريكا شديدا لا يعلم مقداره إلا الله - تعالى -، إذ الزلزال الحركة الشديدة مع الاضطراب، وهو بفتح الزاى اسم لذلك، وبكسرها مصدر بمعنى التحرك والاضطراب، وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى -إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } ويكون هذا الزلزال الشديد، عندما يأذن الله - تعالى - بقيام الساعة، ويبعث الناس للحساب. وافتتح - سبحانه - الكلام بظرف الزمان { إذا } ، لإِفادة تحقق وقوع الشرط. وقوله { زِلْزَالَهَا } مصدر مضاف لفاعله. أى إذا زلزلت الأرض زلزالها الذى لا يماثله زلزال آخر فى شدته وعظمته وهوله، كما قال - تعالى -يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } وقوله - تعالى - { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } بيان لأثر آخر من آثار ما يحدث فى هذا اليوم الهائل الشديد. والأثقال جمع ثِقْل - بكسر فسكون - وهو المتاع الثقيل، ومنه قوله - تعالى -وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ } والمراد بها هنا ما يكون فى جوف الأرض من أموات وكنوز وغير ذلك مما يكون فى باطنها. قال أبو عبيدة والأخفش إذا كان الميت فى جوف الأرض فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها، وإنما سمى الجن والإِنس بالثقلين لأن الأرض تثقل بهم... والمراد بالإِنسان فى قوله - سبحانه - { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } جنسه فيشمل المؤمن والكافر. وقوله { ما لها } مبتدأ وخبر، والاستفهام المقصود به التعجب مما حدث من أهوال. أى وقال كل إنسان على سبيل الدهشة والحيرة، أى شئ حدث للأرض، حتى جعلها تضطرب هذا الاضطراب الشديد. قال الجمل وفى المراد بالإِنسان هنا قولان أحدهما أنه اسم جنس يعم المؤمن والكافر، وهذا يدل على قول من جعل الزلزلة من أشراط الساعة، والمعنى أنها حين تقع لم يعلم الكل أنها من أشراط الساعة، فيسأل بعضهم بعضا عن ذلك. والثانى أنه الكافر خاصة، وهذا يدل على قول من جعلها زلزلة القيامة، لأن المؤمن عارف بها فلا يسأل عنها، والكافر جاحد لها، فإذا وقعت سأل عنها.. وقوله - سبحانه - { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } جواب الشرط، و " أخبارها " مفعول ثان لقوله { تُحَدِّثُ } والمفعول الأول محذوف. أى إذا زلزلت الأرض زلزالها. وأخرجت الأرض أثقالها. وقال الإِنسان ماذا حدث لها.. عندئذ تحدِّثُ الأرضُ الخلائقَ أخبارَها، بأن تشهد للطائع بأنه كان كذلك، وتشهد على الفاسق بأنه كان كذلك. أخرج الإِمام أحمد والترمذى والنسائى عن أبى هريرة قال " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } ثم قال " أتدرون ما أخبارها "؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عُمِل على ظهرها، بأن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا. فهذه أخبارها. " ".

السابقالتالي
2 3