الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } * { وَطُورِ سِينِينَ } * { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } * { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ }

اتفق المفسرون على أن المراد بطور سينين الجبل الذى كلم الله - تعالى - عليه موسى - عليه السلام - وسينين، وسيناء، وسينا، اسم للبقعة التى فيها هذا الجبل، بإضافة " طور " إلى ما بعده، من إضافة الموصوف إلى الصفة. قال الإِمام الشوكانى " وطور سينين " هو الجبل الذى كلم الله عليه موسى، اسمه الطور. ومعنى سينين المبارك الحسن.. وقال مجاهد سينين كل جبل فيه شجر مثمر، فهو سينين وسيناء. وقال الأخفش طور جبل. وسينين شجر، واحدته سينه، ولم ينصرف سينين كما لم ينصرف سيناء، لأنه جعل اسما للبقعة. وأقسم - سبحانه - به، لأنه من البقاع المباركة، وأعظم بركة حلت به ووقعت فيه، تكليم الله - تعالى -، لنبيه موسى - عليه السلام -. كما اتفقوا - أيضا - على أن المراد بالبلد الأمين مكة المكرمة، وسمى بالأمين لأن من دخله كان آمنا، وقد حرمها - تعالى - على جميع خلقه، وحرم شجرها وحيوانها، وفى الحديث الصحيح، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بعد فتحتها " إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهى حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلى، ولن تحل لأحد بعدى، ولم تحل لى إلا ساعة من نهار، فلا يُعْضَد - أى يقطع - شجرها - ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد.. ". إلا أن خلافهم فى المراد بقوله - تعالى - { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } ، وقد ذكر الإِمام القرطبى هذا الخلاف فقال ما ملخصه قوله { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } قال ابن عباس وغيره هو تينكم الذى تأكلون، وزيتونكم الذى تعصرون منه الزيت. قال - تعالى -وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } وهى شجرة الزيتون. وقال أبو ذر " أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم سَلة تين، فقال " كلوا " وأكل منها. ثم قال " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، لقلت هذه.. ". وعن معاذ أنه استاك بقضيب زيتون، وقال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول " نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة ". وهذا هو الرأى الذى تطمئن إليه النفس لأنه هو المتبادر من اللفظ وهناك أقوال أخرى رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها وتهافتها. ثم قال الإِمام القرطبى وهذا القول هو أصح الأقوال، لأنه الحقيقة، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل. وإنما أقسم بالتين لأنه كان ستر آدم فى الجنة، لقوله - تعالى -يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } وكان ورق التين، ولأنه كثير المنافع. وأقسم بالزيتون لأنه الشجرة المباركة، قال - تعالى -

السابقالتالي
2 3 4