الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه وقد ذكر كثير من المفسرين منهم ابن عباس والحسن البصرى، أن سبب نزول هذه الآيات أن ثعلبة ابن حاطب الانصارى قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله، ادع الله أن يرزقنى مالا. فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - " ويحك يا ثعلبة، قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه. ثم قال له مرة أخرى " أما ترضى أن تكون مثل نبى الله؟ فو الذى نفسى بيده لو شئت أن تصير الجبال معى ذهبا وفضة لصارت ". فقال ثعلبة، والذى بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقنى مالا لأعطين كل ذى حق حقه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم ارزق ثعلبة مالا ". فاتخذ ثعلبة غنما فنمت، ثم ضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلى الظهر والعصر فى جماعة ويترك ما سواهما. ثم نمت وكثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، ثم ترك الجمعة.. وأنزل الله - تعالى - { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } فبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقة من المسلمين.. وقال لهما " مرا على ثعلبة وعلى فلان. رجل من بنى سليم. فخذا صدقاتهما ". فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرآه كتاب رسول الله. فقال ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدرى ما هذا؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلى. فانطلقا وسمع بهما السلمى " فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة. ثم استقبلهم بها. فلما رأوها قالوا له ما يجب عليك هذا، وما نريد أن نأخذ هذا منك. فقال بل خذوها فإن نفسى بذلك طيبة، فأخذاها منه ومرا على ثعلبة فقال لهما أرونى كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية... انطلقا حتى أرى رأيى.. فانطلقا حتى أتيا النبى - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآهما قال " يا ويح ثعلبة " قبل أن يكلمهما، ودعا للسلمى بالبركة. فأخبراه بالذى صنعه ثعلبة معهما.. فأنزل الله تعالى { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ.. }. الآيات. فسمع رجل من أقارب ثعلبة هذه الآيات فذهب إليه وأخبره بما أنزل فيه من قرآن. فخرج ثعلبة حتى أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - وسأله أن يقبل منه صدقته فقال له إن الله منعنى أن أقبل منك صدقتك.. ثم لم يقبلها منه بعد ذلك أبو بكر أو عمر أو عثمان، وهلك ثعلبة فى خلافة عثمان.

السابقالتالي
2 3 4