الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قال الإِمام ابن كثير. لما ذكر الله - تعالى - اعتراض المنافقين الجهلة على النبى - صلى الله عليه وسلم - ولمزهم إياه فى قسم الصدقات. بين - سبحانه - أنه هو الذى قسمها، وبين حكمها، وتولى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره فجزأها لهؤلاء المذكورين، كما رواه أبو داود فى سنته " عن زياد بن الحارث الصدائى قال. أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فبايعته. فأتى رجل فقال. أعطنى من الصدقة فقال له. " إن الله لم يرض بحكم نبى ولا غيره. فى الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصناف، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ". والمراد بالصدقات هنا - عند كثير من العلماء - الزكاة المفروضة. ولفظ الصدقات. مبتدأ. والخبر محذوف، والتقدير إنما الصدقات مصروفة للفقراء والمساكين.. إلخ. والفقراء. جمع فقير، وهو من له أدنى شئ من المال. أو هو من لا يملك المال الذى يقوم بحاجاته الضرورية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن. يقال فقر الرجل - من باب تعب - إذا قل ماله. قالوا وأصل الفقير فى اللغة الشخص الذى كسر فقار ظهره، ثم استعمل فيمن قل ماله لانكساره بسبب احتياجه إلى غيره. أو هو من الفقرة بمعنى الحفرة، ثم استعمل فيما ذكر لكونه أدنى حالا من أكثر الناس، كما أن الحفرة أدنى من مستوى سطح الأرض المستوية. والمساكين جمع مسكين، وهو من لا شئ له، فيحتاج إلى سؤال الناس لسد حاجاته ومطالب حياته. وهو مأخوذ من السكون الذى هو ضد الحركة، لأن احتياجه إلى غيره أسكنه وأذله. وقيل المسكين هو الذى له مال أو كسب ولكنه لا يكفيه، وعلى هذا يكون قريب الشبه بالفقير. وقوله { وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا } بيان للصنف الثالث من الأصناف الذين تجب لهم الزكاة. والمراد بهم. من كلفهم الإِمام بجمع الزكاة وتحصيلها ممن يملكون نصابها. ويدخل فيهم العريف، والحاسب، والكاتب، وحافظ المال، وكل من كلفه الإِمام أو نائبه بعمل يتعلق بجمع الزكاة او حفظها، أو توزيعها. وقوله. { وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } بيان للصنف الرابع. والمراد بهم الأشخاص الذين يرى الإِمام دفع شئ من الزكاة إليهم تأليفاً لقلوبهم، واستمالة لنفوسهم نحو الإِسلام، لكف شرهم، أو لرجاء نفعهم، وهم أنواع منهم قوم من الكفار، كصفوان بن أمية، فقد أعطاء النبى - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين، وكان صفوان يومئذ كافراً، ثم أسلم وقال والله لقد أعطانى النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان أبغض الناس إلى، فما زال يعطينى. حتى أسلمت وإنه لأحب الناس إلى. ومنهم قوم كانوا حديثى عهد بالإِسلام وكانوا من ذوى الشرف فى أقوامهم فكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعطيهم، ليثبت إيمانهم، وليدخل معهم فى الإِسلام أتباعهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6