الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }

افتتح - سبحانه - السورة الكريمة بالقسم بخمسة أشياء لها شرفها وعظمها، ولها فوائدها الدينية والدنيوية.. ولها دلالتها الواضحة على كمال قدرته - تعالى -. أقسم أولا - بالفجر، وهو وقت انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم، ووقت بزوغ الضياء وانتشاره على الكون بعد ليل بهيم. فالمراد بالفجر الوقت الذى يبدأ فيه النهار فى الظهور، بعد ظلام الليل، والتعريف فيه للجنس، لأن المقصود هذا الوقت من كل يوم. وقيل المراد بالفجر هنا صلاة الفجر، لأنها صلاة مشهودة، أى تشهدها الملائكة، كما أن التعريف فيه للعهد، فقيل فجر يوم النحر، وقيل فجر يوم الجمعة.. ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح، لأن قوله - تعالى - بعد ذلك { وَلَيالٍ عَشْرٍ } يرجح أن المراد به وقت معين. هذا الوقت يوجد مع كل يوم جديد. وأقسم - سبحانه - ثانيا بقوله { وَلَيالٍ عَشْرٍ } والمراد بها الليالى العشر الأُوَل من شهر ذى الحجة، لأنها وقت مناسك الحج، ففيها الإِحرام، والطواف، والوقوف بعرفة.. وقيل المراد بها الليالى العشر الأواخر من رمضان وقيل الليالى العشر الأُوَل من شهر المحرم.. قال الإِمام ابن كثير والليالى العشر المراد بها عشر ذى الحجة. كما قاله ابن عباس وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت فى صحيح البخارى، عن ابن عباس مرفوعا " ما من أيام العمل الصالح، أحب إلى الله - تعالى - فيهن، من هذه الأيام - يعنى عشر ذى الحجة - قالوا ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال ولا الجهاد فى سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشئ ". وقيل المراد بذلك العشر الأُوَل من المحرم. وقيل العشر الأُوَل من رمضان. والصحيح القول الأول.. وأقسم - سبحانه - ثالثا ورابعا بقوله { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } والشفع ما يكون ثانيا لغيره، والوتر هو الشئ المنفرد. وقد ذكرالمفسرون فى المراد بهذين اللفظين أقوالا متعددة، فمنهم من يرى أنهما يعمان كل الأشياء شفعها ووترها، ومنهم من يرى أن المراد بالشفع يوم النحر، لكونه اليوم العاشر من ذى الحجة، وأن المراد بالوتر يوم عرفة، لأنه اليوم التاسع من شهر ذى الحجة. ومنهم من يرى أن المراد بهما الصلاة المكتوبة، ما كان منها شفعا، كصلاة الظهر والعصر والعشاء والصبح، وما كان منها وترا كالمغرب. ومنهم من يرى أن المراد بالشفع جميع المخلوقات، وبالوتر الله - تعالى - الواحد الصمد. وقد رجح بعض العلماء هذا القول فقال ما ملخصه والواقع أن أقرب الأقوال عندى - والله أعلم -. أن المراد بالوتر، هو الله - تعالى -، للحديث " إن الله وتر يحب الوتر "

السابقالتالي
2 3 4 5