الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } * { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } * { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } * { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } * { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } * { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } * { وَأَكِيدُ كَيْداً } * { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }

الطارق اسم فاعل من الطروق. والمراد به هنا النجم الذى يظهر ليلا فى السماء. قال القرطبى ما ملخصه الطارق النجم، اسم جنس سمى بذلك لأنه يطرق ليلا، ومنه الحديث نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرق المسافر أهله ليلا.. والعرب تسمى كل قاصد فى الليل طارقا. يقال طرق فلان، إذا جاء ليلا.. وأصل الطرق الدق، ومنه سميت المطرقة، فسمى قاصد الليل طارقا، لاحتياجه فى الوصول إلى الدق. وفى الحديث " أعوذ بك من طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.. ". وقوله - تعالى - { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } تنويه بشأنه إثر تفخيمه بالإِقسام به، فالاستفهام مستعمل فى تعظيم أمره. وقد جاء التعبير بقوله - تعالى - { وَمَآ أَدْرَاكَ... } ثلاث عشرة مرة فى القرآن الكريم، كلها جاء الخبر بعدها - كما هنا -، وكما فى قوله - تعالى -وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ. لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } وكما فى قوله - سبحانه -وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ. ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ. يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً... } إلا واحدة لم يأت الخبر بعدها، وهى قوله - تعالى -ٱلْحَاقَّةُ. مَا ٱلْحَآقَّةُ. وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ.. } أما التعبير بقوله - تعالى -وَمَا يُدْرِيكَ... } فقد جاء ثلاث مرات، ولم يأت الخبر بعد واحدة من هذه المرات. قال - تعالى -وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } قال القرطبى قال سفيان كل ما فى القرآن وما أدراك فقد أخبر به، وكل شئ قال فيه وما يدريك، لم يخبر به. وقوله { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } بيان وتفسير للطارق، والثاقب. أى المضئ الذى يثقب الظلام ويخرقه بنوره فينفذ فيه ويبدده. والجملة الكريمة مستأنفة، وهى جواب عن سؤال مقدر نشأ مما قبله، كأنه قيل وما هو الطارق؟ فكان الجواب هو النجم الثاقب. وقوله - سبحانه - { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } جواب القسم وما بينهما كلام معترض لتفخيم شأن المقسم به.. والحافظ هو الذى يحفظ ما كلف بحفظه، لمقصد معين. أى وحق السماء البديعة الصنع، وحق النجم الذى يطلع فيها فيبدد ظلام الليل، ما كل نفس من الأنفس إلا وعليها من الملائكة من يحفظ عملها ويسجله، سواء أكان هذا العمل خيرا أم شرا. قال الإِمام الشوكانى ما ملخصه قرأ الجمهور بتخفيف الميم فى قوله لما، فتكون " إن " مخففة من الثقيلة، فيها ضمير الشأن المقدر، وهو اسمها، واللام هى الفارقة - بين " إن " النافية، و " إن " المخففة من الثقيلة - وما مزيدة.

السابقالتالي
2 3 4 5